الثلاثاء، 19 يونيو 2012

وجوه

فكرة طالما راودتني: أن أكتب عن الأشخاص..
ربما لم أفعل ذلك من قبل، وربما لا أود فعله الآن، وربما أود الحديث عن هذه الرغبة أكثر مما أود انفاذها..
كثيرا ما ألتقي بشخصيات، أجد فيها ما يدفعني للتفكير، والتوقف طويلا لتأمل هذا الانسان، أحاول تقمص دوره، استعارة عقله، قد لا يعجبني تفكيره (ليس بالضرورة)، لكنني أجد فيه قصة ما، والعبرة دائما واحدة: نحن أبناء بيئاتنا، ظروفنا وزمننا، كل منا نسيج متفرد لا يتكرر..



انني لا أعرف شخصا (عاديا)..أسمع أحيانا عن كائن يسمى بالانسان (العادي)، (الطبيعي) سمه ما تشاء، لكنك يا عزيزي تطلق هذا الاسم على من يتصرف كما تتوقع منه، لا بالضرورة على من يتصرف كما يجدر به، بالنظر لماهيته..

ورغم ذلك، فنحن متشابهون أكثر مما نتصور، كأننا نسير جميعا في حزمة واحدة، يجرفنا تيار عام، لكن كل منا داخل هذا التيار له وجهته، وقليل منا من يتحرك عكس التيار..هل تتصور كيف تتحرك جزيئات الماء في مجرى النهر؟

أتردد كثيرا عند التفكير في الكتابة، وأواجه الأسئلة الصعبة: عمن سأكتب؟
أعرف أي فئة من الناس سأكتب عنهم، فلن أكتب بالضرورة عن شخصيات أنا معجب بها، ولا شخصيات كرهتها، غالبا سأكتب عن هؤلاء الذين وجدت في حياتهم شيئا من الدراما، وهؤلاء الذين لمست في نفوسهم صراعا ما، وهم كثر، بل أظنهم أغلبية في هذا العالم، أعتقد أن قلة من الناس فقط، تنعم بالسلام الداخلي..

لكنني أتوقف عندما أركز تفكيري على شخص ما بعينه، تقلقني فكرة أن أكتب في العلن، عن شخص ما، وإن نكّرت اسمه، وجهّلت كل ما قد يشير إليه..إن المسألة هي أنني لا أرى نفسي أهلا لأن أحكم على شخص ما في العلن، وأحكامي الشخصية على من حولي هي أفكار تخصني طرأت على عقلي لحاجتي إليها في التعاطي مع الناس، وليست أمرا نحدث الناس عنه لغير ضرورة..

فإن تجاوزت هذه الفكرة، وقلت انني أعبر عن ذاتي وأصف ما رأيت..فكرت فيما سوف أكتبه؟
هل عن شخصه؟..خبرتي معه؟..لن أكتب عن الشكليات والمظاهر، ماذا يعمل وكيف يعيش، مالم يكن قد كسر النمط السائد في حياته تلك وعاش بطريقته، بعيدا عما قد اسميه أنا بـ(الطبيعي)..

سأعود لاحقا للحديث عن بعض من خبرتهم شخصيا، ووجدت لديهم ما أحكي عنه، لا أدري متى أتجاسر على هذا الفعل، لكنني سأجتهد ليكون هذا قريبا..

هناك 10 تعليقات:

  1. كأنك تتحدث علي لساني
    لطالما اردت ان اكتب عن اناس عرفتهم و مررت بهم
    و ترددت ..
    و فكرت في نفس الاسباب التي ذكرتها

    ردحذف
    الردود
    1. ربما يجدر بنا أن نتخلى عن هذا التردد..ربما يفوتنا الكثير بسببه..

      حذف
  2. كتبت منذ فترة شيئا مشابها ..
    هل تتحكم ميكانيكية عقولنا بنا لهذه الدرجة؟ مهمة العقل الأزلية هي التصنيف، لأن التصنيف يساعد على الفهم، و بالتالي إصدار حكم ..
    لكن متى يكون التصنيف صحيحا، و متى يكون مجحفا .. أيستطيع العقل التحرر من هوى ما، فيصنف بموضوعية ؟
    من المسيطر إذا؟ الهوى – أي القلب – أم العقل؟ ..
    و هل من وظيفتنا في هذه الحياة الحكم على الناس؟

    ردحذف
    الردود
    1. انا نوع ما بعيد عن التصنيف هنا، نسبيا :)

      لكن لنقل، متى أعرف أنني كنت عادلا أو جانبت العدالة أصلا؟
      ومتى أعرف أنني كنت على صواب؟
      لا أعرف أبدا إلا عند الالمام بكامل الصورة، وهذا لا يحدث أبدا مع البشر.
      بالطبع لا يتحرر العقل أبدا من أهوائه ولا ميوله ولا بيئته وخلفياته..آراؤنا وأحكامنا مليئة بالأخطاء لا شك، انما نحن نحاول التسديد ونقارب..

      احكامنا على الناس ليست إلا وجهات نظر، ونتائج معلوماتنا عنهم وخبراتنا معهم، لذا فاحكامي على الناس هي انطباعات شخصية وليست للمشاركة، من حيث الأصل، إلا لو دعت الحاجة في مواقف التزكية والسؤال عن احوال متعامل أو تاجر أو خاطب أو ما شابه..

      حذف
  3. إذا لم يبدأ أحد منكم بالحديث عن الوجوه التى يتمنى الحديث عنها
    فسأبدأ أنا بالحديث عنكم جميعا :D
    و قد أعذر من أنذر : )))

    ردحذف
  4. هو الموضوع فعلا اللى نفسى أتكلم عنه هو الصراع الداخلى و تأثيره على السلام النفسى
    بعيدا عن طرح نماذج معينة
    لكن الفكرة نفسها شغلانى

    ردحذف
    الردود
    1. سيكون لطيفا أن نقرأ عن هذا الموضوع :)
      تحياتي..

      حذف
  5. أنتظر ما ستكتب .. يدفعني الفضول لمعرفة من ستكتب عنه .. لا يهمني ماهيته .. أعني أنني اريد جوهره ..

    في الانتظار

    ردحذف
    الردود
    1. الأكيد أنني لن أستطيع الوصول لجوهر أي انسان، لكنني سأقول ما لمسته وما أظنه به :)
      شاكر لمرورك..

      حذف
  6. الكتابة عن الأشخاص لا تخلو من الخبث
    أحيانا هي رصاصة صامتة لشخص يعرف نفسه ...تقتله وحدة بحروفك كما عبرت أحلام مستغانمي
    اكتب بخبث
    انتظر كتاباتك

    ردحذف