الخميس، 30 يونيو 2016

لا تحاول!

- هل تعرف فيم أفكر الآن؟
"بالطبع أعرف!" أجيبه بكل ثقة!
تتعلق عيناه بي في فضول، بينما أستطرد: أنت تفكر في هذه اللحظة "كيف سيجيب سؤالي" بكل تأكيد!
أبتسم في ظفر بينما أنظر لوجهه الواجم: "لا يمكنك في هذه اللحظة بينما تنتظر اجابتي أن تفكر في شئ آخر يا صديقي!..لا تحاول الانكار"

أيامنا التي كانت

ولما كنت تدخل من بابه الزجاجي، تجده في حجم دكان على غرار الدكاكين المصطفة حوله من مطاعم ومتاجر، وعلى يسارك درج صغير يوصل إلى العلية، فيما جدرانه تحوي رفوفاً متصالبة على طراز مغربي، امتلأت بما لذ وطاب من الكتب.

 في الصالة أمامك، تتناثر المقاعد الوثيرة مرحبةً بك ومغرية إياك بالجلوس، بامضاء الوقت كأنما أنت في بيتك، شئ يسير من السجاد وأصص النبات جعلت المكان مستراحا للقلب والنظر، وتلك الكوّة الواسعة المطلة على المطبخ أكملت وسائل الراحة وأغنتنا عن الخروج إلى غيره، تجدنا متى حللت فيه، نكتب، ننظّر، نقرأ، نقيم فعاليات مختلفة بأقل التكاليف ودون تعقيدات..كان مساحة تحوينا جميعاً، بميولنا وامكاناتنا المختلفة، وبلا قيود تذكر، فقط كن نفسك وتآلف مع من حولك، فصار لسنوات مقراً لنا وﻷعمالنا دون أن ينال منا جزاءً أو حتى شكوراً.

لعدة سنوات بدا لنا فيها أن المدينة التي عرفناها، بقيودها وتعقيداتها ومحدودية الخيارات فيها، قد سمحت لنا أخيراً بمتنفس، بساحة من طابقين نعبر فيهما عن دواخلنا، ونستثمر فيها فضول أوقاتنا وطاقاتنا، نلتقي بحرية، نتعارف بأشباهنا، نقضي وقتا في فعل ما نحب.

ﻻ شئ من هذا بقي، تعلم أن حديثاً يحمل كل هذا الحنين يا صديقي، هو حديث عن ماضٍ ولّى، وعن أيامنا التي كانت، قبل أن تحاصرنا قوى الظلام وغربانه السود.