الأربعاء، 1 يوليو 2020

هل سأكتب؟

كلما مررت من هنا، تداعت الذكريات سريعاً..كيف بدأت التدوين، كيف تبدلت الحياة وتوالت السنون تباعاً، كيف انخرطت في وسط التدوين المصري، في مارس 2005، أتذكر من عرّفني بهذه الفكرة، وكان ذلك تقريباً آخر عهدي به، اتصفح المدونات القديمة (نعم، لازلت استطيع الوصول إليها!) وأستذكر الاحداث وما دعاني لكل منها..
أشتبك، كما فعل الآخرون جميعاً (تقريباً) وأخوض فيما خاضوا فيه، الحالة السياسية المصرية، وكيف كنت أكتب فيها وقتئذ، كأنما أكتب في جريدة ما، تحليلات، ملخصات، رأي..أنأى بنفسي عن قضية وأخوض في أخرى، أتذكر التعليقات ومعارك التعليقات..لقد كان الأمر مسلياً..

أتذكر أبي، ولومه لي فيما يراه مخاطرة..
وحماسي في المقابل، كيف كنت عنيداً، كأن ما أخطه هو شذرات الحكمة والعلم الذي أخذ الله ميثاقي لأبيننه للناس ولا أكتمه!
صفحة فصفحة، كلمة فكلمة، حتى جاء اليوم، أنظر خلفي، كم منها ذو قيمة اليوم؟!
مشيت الطريق لآخره، اشتبكت مع آخرين، كتبت عن هذا وذاك، واليوم أجد أن كثيراً مما كتب، خاصة في شأن السياسة، لو سلّمت بضرورته يوم أن كتب، فقد انتهت اليوم صلاحيته!

كلمة انتهت صلاحيتها قبل موت صاحبها لهي جديرة في نظري أن تسمّى هذراً..

كلماتي التي انتهت صلاحيتها على مرأى عيني حتى ما عاد لي شعور تجاهها، لا من فخر ولا خزي، لا من شفقة ولا اعتزاز..لا شئ أبداً!..تشبه الجيف الذي دفن في باحة بيتي الخلفية، لو أنني زرعتها بما هو أنفع؟
بما يبقى من بعدي، وينفع الناس؟..يكون صدقة عني جارية؟

وما عساه أن يكون؟..ماذا كنت أعرف؟ وماذا كان يسيطر علي من هم أكبر من هذا الهم الذي خضت في أمره؟ وهل كنت مصيباً فيما مضى؟..وهل أنا مصيب اليوم فيما أقول؟

هل سأكتب؟..
لا!..ليس من باب العادة، ولا ملء الفراغات ولا تسلية المجالس، وبالتأكيد، ليس للخوض مع الخائضين..

فإن رزقني الله ما أحسبه رزقاً حسناً فتح علي به، كتبته..وإلا فلأحتسب عند الله صمتي والحمد لله رب العالمين.